أكد الدكتور أحمد طه، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، أن اعتماد المنشأة الصحية وفقا لمعايير GAHAR الحاصلة على الاعتماد الدولي (اسكوا)، بما تشمله من أبعاد الجودة المختلفة وعلى رأسها الكفاءة والفاعلية، يعمل بشكل مباشر على خفض تكاليف المنشأة الصحية المعتمدة وتعظيم الربح وهو ما تأكد من مؤشرات القياس التي تابعتها الهيئة بالمنشآت الحاصلة على الاعتماد الوطني، مشيرا إلى ان الخدمات الصحية الرديئة للمنشأة، تكلفها فشل النظم الداخلية والخارجية بها ، في حين أن تكلفة تطبيق الجودة تتمثل فقط في تأسيس أنظمة لمنع الإخفاقات من الاساس وأنظمة مستدامة للتقييم المستمر.
جاء ذلك خلال كلمته الافتتاحية للجلسة العلمية الأولى التي نظمتها الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، ضمن فعاليات ملتقى صحة أفريقيا Africa Health ExCon 2023 ، بعنوان: "تطبيق معايير جودة الرعاية الصحية وأثرها على الانفاق الصحي '' والتي ناقشت التجربة المصرية في تطبيق معايير جودة الرعاية الصحية كمكون رئيسي لنظام التأمين الصحي الشامل وأثر ذلك على مخرجات الخدمة الصحية ومعدل الانفاق الصحي.
واستعرض رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية عدد من مؤشرات قياس الأداء الواردة من عدد من المستشفيات الحاصلة على اعتماد GAHAR ، بعد تطبيق معايير الجودة بها ، حيث قلت العدوى المكتسبة من المستشفى بنسبة تراوحت ما بين 49%إلى 73%، وبلغت نسبة التحسن في مؤشر "إعادة الدخول مرة أخرى الى المستشفى خلال ٣٠ يوم" إلى 79%، ومؤشر عدوى الموضع الجراحي إلى 77%، ومؤشر الالتهاب الرئوي المكتسب من جهاز التنفس الصناعي إلى 47%، كما تراوحت نسبة التحسن في مؤشر التهاب مجرى البول المصاحب للقسطرة البولية من 16% إلى 97%، أما التحسن في مؤشر عدوى مجرى الدم المصاحب للقسطرة المركزية الوريدية وصل إلى 100% في بعض المستشفيات.
وأضاف الدكتور أحمد طه، أن تطبيق نظم ومعايير الجودة تحد من الأخطاء الطبية التي تعود بأعباء مالية على المنشأة وأعباء صحية على المجتمع ككل، لافتا إلى أن احصائيات منظمة الصحة العالمية تقدر التكلفة المترتبة على الأخطاء الدوائية بـ 42 مليار دولار سنويا، كما تصل التكلفة المباشرة للعبء المالي للعدوى المكتسبة من المستشفيات بالولايات المتحدة إلى 28.4 مليار دولار سنويا على الأقل. كما تشير الاحصائيات إلى أن واحدا من كل 31 مريض مقيم بالمستشفيات يصاب بعدوى مكتسبة.
وتابع أن البيانات تشير كذلك إلى أن الجلطات الوريدية العميقة تتسبب في ثلث المضاعفات الناتجة عن تنويم المرضى بالمستشفيات وتتراوح تكلفة علاجها سنويا من 7 إلى 10 مليار دولار، مشيرا إلى أن المضاعفات اللاحقة لها يتم تقديرها بتكلفة تراكمية تصل إلى 23 الف دولار، كما أن علاج حالة واحدة من الجلطات الوريدية العميقة تتكلف بصورة مباشرة 15 الف دولار، كما أنها مسئولة عن تكلفة إضافية على المجتمع 12.4 مليار دولار بسبب الموت المبكر وتقليل الإنتاجية.
وأشار الدكتور مجدي بكر، مستشار الهيئة العامة للرعاية الصحية للشئون الفنية، مستشار النظم الصحية بمنظمة الصحة العالمية، في كلمته التي القاها نيابة عن الدكتور أحمد السبكي، إلى أهم التحديات والمنهجيات التي تواجه تقديم الرعاية الصحية في مصر، واستعرض استراتيجيات دعم تطبيق النظم الصحية ذات الجودة بأسعار مناسبة.
ومن جانبها أوضحت مي فريد، المدير التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، أن نظام التأمين الصحي الشامل يُعد حجرًا رئيسيًا لإصلاح القطاع الصحي في مصر بهدف مد مظلة التغطية الصحية التأمينية لكافة المصريين، ويرتكز النظام على فصل بين جهات التمويل وتقديم الخدمة الصحية وضمان الجودة والرقابة الصحية بالصورة التي تزيد من حوكمة النظام، مشيرة إلى أن الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل هي المسئولة عن إدارة النظام وتمويله؛ وأن دورها يتضمن استهداف الشراء الاستراتيجي للخدمات الصحية ذات الجودة، وفقًا لاحتياجات المواطنين وبأسعار عادلة ومرنة، لتحقيق أفضل النتائج الصحية مقابل ما يتم إنفاقه، كما تقوم بالتعاقد مع مقدمي خدمات الرعاية الصحية والأنظمة العلاجية المختلفة، فضلًا عن أحقية المواطن في اختيار جهات العلاج من بين الجهات المتعاقدة مع الهيئة.
وأضافت أن أهم الأهداف الرئيسية للإصلاح الصحي تتلخص في ضمان إمكانية وصول كافة المواطنين لخدمات صحية وتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة وما يتطلبه ذلك من وجود مراقبة ونظام حوافز وتقوية قدرة النظام الصحي على تلبية احتياجات السكان وما يترتب عن ذلك من زيادة رضا المواطنين وتوفير الحماية المالية من خلال تخفيف الإنفاق الصحي الكارثي وخفض الإنفاق الصحي من الجيب، خاصةً في ضوء النتائج الأخيرة، كما أن الهيئة تتخذ الإجراءات اللازمة لضمان استدامة النظام وقدرته على الوفاء بالتزاماته وتشير المؤشرات المالية إلى استدامة وضع النظام حيث حققت الهيئة فائض مالي يبلغ حوالي 78.5 مليار جنيه في أبريل 2023.
وثمَّن الدكتور محمد لطيف، الرئيس التنفيذي للمجلس الصحي المصري، الاستثمار في الموارد البشرية مشيرا إلى أن العائد على الاستثمار في العاملين بالقطاع الطبي من التخصصات المختلفة يصل إلى 3 اضعاف حجم الاستثمار، إلى جانب الأثر الايجابي على المجتمع، لافتا إلى أهمية الصرف على التدريب والتعليم ورفع المرتبات وتحسين بيئة العمل لكل فئات الأطقم الطبية مما يساهم في رفع كفاءة الخدمات الطبية بوجه عام .
وفي ذات السياق، أشار الدكتور علاء عبد المجيد، رئيس مجلس إدارة غرفة مقدمي الخدمات الصحية بالقطاع الخاص، أن مشروع التأمين الصحي الشامل هو الحل الامثل لإصلاح منظومة الصحة في مصر والوسيلة الوحيدة التي تعطي خدمة صحية بجودة وامان، وأن القطاع الخاص الصحي ليس له مناص من الحصول على الاعتماد، وبالتالي زيادة الوعي بالمعايير الصادرة عن هيئة الاعتماد، لافتا إلى التعاون مع الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية في تنظيم ندوات خلال الشهر القادم بمحافظتي أسيوط وسوهاج للتعريف بمنظومة التأمين الصحي الشامل.
وحول أهم الفرص المتاحة أمام القطاع الخاص في اطار مشروع التأمين الصحي الشامل، أوضح د علاء عبد المجيد، أن هناك فرصة كبيرة للدخول في شراكات مع القطاع الحكومي لتطوير بعض الخدمات الصحية مقابل حقوق امتياز مما يساهم في توفير الانفاق الحكومي إلى جانب الوصول إلى المناطق المحرومة أو ذات الكثافة خاصة في مجال الرعاية الأولية، فضلا على انشاء الجامعات الخاصة وكليات التمريض حيث تشير استراتيجية مصر 2030 إلى الحاجة إلى 500 الف من اطقم التمريض، وكذلك دخول شركات الرعاية الصحية التأمينية التي تعمل حاليا بالسوق المصري للعمل تحت مظلة التأمين الشامل.
شارك أيضا بالندوة اللواء د. طارق عبد الرحمن، نائب رئيس هيئة الشراء الموحد، والذي اكد علي اهمية الحوكمة في عمليات شراء الأجهزة والمستلزمات الطبية ووضح دور هيئة الشراء الموحد في تخفيض اسعار مكونات الخدمات والمستلزمات الطبية المختلفة .
شهدت الجلسة حضور مكثف من الخبراء والمتخصصين في مجال جودة الرعاية الصحية، وأدارها، د. جاسر جاد الكريم، مسؤول النظم الصحية بمكتب منظمة الصحة العالمية.
الصور |